إنهاء العجز التجاري للولايات المتحدة الأميركية واستعادة آلتها التصنيعية الفائقة على رأس أولويات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لكن قد يكون لهذه الأهداف تكلفة باهظة بسبب الحرب التجارية التي يخوضها على كافة الجبهات وتهديده بالرسوم الجمركية حتى على أقرب الحلفاء. يبررها ترامب بأنها ستجعل الأميركيين أكثر ثراء.
لكن تهديدات الرئيس الأميركي وقراراته لم تأت دون رد فوري، حيث أثارت قراراته حالة من الاستنفار العالمي للرد على الرسوم الجمركية.
الاتحاد الأوروبي جاهز للرد
من جانبها، حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ترامب من فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات القادمة من الاتحاد. وقالت، عقب قمة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مساء أمس: "عندما يتم استهدافنا بشكل غير عادل أو تعسفي، سنرد بحزم".
وأكدت أنه يجب تجنب التصعيد قدر الإمكان من خلال المشاركة المبكرة في المفاوضات، محذرة من أن "الرسوم الجمركية تزيد من تكاليف الأعمال، وتضر بالعمال والمستهلكين، وتخلق اضطرابا اقتصاديا غير ضروري، وتؤدي إلى ارتفاع التضخم".
كذلك أشارت إلى أنه لن يكون هناك الكثير من الفوائد من وراء ذلك.
بريطانيا تلجأ لدبلوماسيتها
بدوره، أشاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ووزراء في حكومته من قبل بترامب منذ إعادة انتخابه رئيسا وأكدوا على حجم واردات بريطانيا من الولايات المتحدة على أمل تجنب فرض رسوم جمركية في وقت يواجه فيه اقتصاد بلادهم صعوبات في النمو.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه على الرغم من أن بريطانيا "خارج الإطار المقبول" فيما يتعلق بالتجارة فإنه يتوقع أنها قد تتمكن من تجنب فرض رسوم جمركية عليها، وأضاف أن هذا الخلل "يمكن التوصل فيه إلى حل".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية أمس الاثنين إن بلاده تربطها علاقات تجارية "عادلة ومتوازنة" مع الولايات المتحدة، ردا على تصريحات ترامب.
وأضاف المتحدث "الولايات المتحدة حليف لا غنى عنه ومن أقرب شركائنا التجاريين ولدينا علاقة تجارة عادلة ومتوازنة تعود بالفائدة على الطرفين".
رد قوي من الصين
في أول رد فعل من جانب الصين على فرض ترامب رسوما جمركيا عليها، عبرت بكين عن استيائها الشديد ورفضها القوي لقرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين، حسبما أعلنت وزارة التجارة الصينية يوم الأحد.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أنه في رد على هذا الإجراء الخاطئ من قبل الولايات المتحدة، قالت الصين إنها ستتقدم بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية وستتخذ التدابير المضادة المناسبة لحماية حقوقها ومصالحها، وفقا لما ذكره متحدث باسم الوزارة في بيان.
في تصعيد جديد للحرب التجارية، فرضت الصين اليوم الثلاثاء رسومًا جمركية على واردات من الولايات المتحدة، ردًا على الرسوم الأميركية الجديدة على السلع الصينية، مما يهدد بإعادة إشعال الصراع بين أكبر اقتصادين في العالم.
لم تكتفِ الصين بالرد الجمركي، بل صعّدت الحرب التجارية بإدراج شركتين أميركيتين وهما "بي في إتش كورب" و"إليومينا"، إلى "قائمة الكيانات غير الموثوقة"، وقالت الهيئة الوطنية لتنظيم السوق بالصين اليوم الثلاثاء إنها بدأت تحقيقا مع شركة "غوغل" للاشتباه في انتهاكها لقانون مكافحة الاحتكار في البلاد.
وقالت الصين اليوم الثلاثاء إنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 15% على وارداتها من الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، بعدما فرضت واشنطن رسوما بنسبة 10% على بضائع صينية.
كما أعلنت وزارة المال الصينية أنها ستفرض رسوما جمركية بنسبة 10% على وارداتها من النفط الخام والآلات الزراعية والمركبات الكبيرة والشاحنات الصغيرة من الولايات المتحدة.
كندا والمكسيك يرضخان للشروط الأميركية
وتظهر استراتيجية الضغط القصوى التي ينتهجها "ترامب" نجاحات في تحقيق مكاسب قصيرة الأجل، حيث تفادت الجارتان للولايات المتحدة الأميركية -كندا والمكسيك- التعريفات الجمركية بنسبة 25% والتي كان من المفترض تطبيقها اليوم على الواردات من البلدين إلى الولايات المتحدة، بعدما وافق حكومات البلدين على طلبات "ترامب" لتعزيز الرقابة على الحدود مقابل تعليق فرض الرسوم لمدة 30 يوم.
يأتي ذلك، بعدما أعلن ترامب أمس الاثنين تعليق الرسوم الجمركية المقررة على المكسيك، مشيرًا إلى استمرار المفاوضات بين البلدين للتوصل إلى "اتفاق".
وقالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم إنه بعد اتصال مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب تم تجميد الرسوم الجمركية لمدة شهر، والاتفاق على نشر 10 آلاف جندي مكسيكي على الحدود بين البلدين.
قبل هدنة الحرب التجارية، أعلنت كل من كندا والمكسيك، يوم الأحد، نيتهما فرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة، رداً على خطوة مماثلة اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
استجابة الأسواق
وفي هذه الأثناء تحققت نبوءة ترامب بشأن ارتباك الأسواق، حيث ارتفع الدولار في أول رد فعل على الحرب التجارية في أميركا الشمالية، وتوعد الرئيس الأميركي الاتحاد الأوروبي بالرسوم الجمركية لينخفض اليوان عند مستويات قياسية منخفض يوم الأحد الاثنين، ويسجل اليورو أدنى مستوياته أمام الدولار منذ عامين.
كما كان انخفضت أسواق الأسهم الرئيسية عالمياً، وحتى في الولايات المتحدة مع تخوف من عودة التضخم وتغير سياسة أسعار الفائدة.
وتعالت الأصوات داخل الكتلة الأوروبية المنادية بالاستعداد لأي قرار أميركي بشأن الرسوم الجمركية، حيث طالب محافظ المركزي الفنلندي، أولي رين، الكتلة الأوروبية بالوقوف على أرض صلبة أمام تهديدات ترامب الجمركية. وقال في تصريحات لصحيفة "فايننشال تايمز": "لا يمكننا الاستسلام" في مواجهة التهديدات الأميركية - "حتى لو كانت نيراناً صديقة".