بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه، أمس الثلاثاء، لأول مرة في عام 2025، تحت وطأة التحديات التي يطرحها الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بكلماته وتصرفاته المحتملة.
لمّح ترامب إلى مواجهة محتملة مع صانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي خلال كلمته الافتراضية أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا الأسبوع الماضي، إذ قال إنه سيطالب بخفض أسعار الفائدة. وعزز ترامب تصريحاته لاحقًا، مشيرًا إلى أنه يريد خفضًا كبيرًا في أسعار الفائدة، متوقعًا أن يستجيب الفيدرالي لمطالبه، وأضاف أنه يعتزم التحدث مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في الوقت المناسب.
لكن الاختلاف قد يظهر بين ترامب وباول، حيث أرسل مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إشارات متكررة تفيد بعدم عزمهم تغيير أسعار الفائدة في المستقبل القريب، بعد تخفيضها بمقدار نقطة مئوية كاملة نهاية عام 2024، كما يراهن المستثمرون على أن أسعار الفائدة لن تتغير في اجتماع السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي يومي الثلاثاء والأربعاء،
مخاوف التضخم والنهج الحذر
يشعر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بقلق متزايد من علامات التضخم المستمر، مما يدفعهم للتحرك بحذر في 2025. وعبّر بعضهم في مناقشات مغلقة عن مخاوف من أن سياسات التجارة والهجرة للإدارة الجديدة قد تضيف مزيدًا من الضغوط التضخمية.
خفض الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا توقعاته بشأن تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة في 2025 من أربعة إلى اثنين، بسبب المخاوف من التضخم وتأثيرات أجندة ترامب الاقتصادية.
إمكانية رفع الفائدة
يشير بعض خبراء الاقتصاد إلى احتمال رفع الفائدة هذا العام، الأمر الذي قد يثير غضب ترامب. قال أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد كين روغوف، إنه يرى أن احتمالية رفع الفائدة تماثل احتمالية خفضها، مشيرًا إلى العجز المرتفع والاستثمارات في الذكاء الاصطناعي التي قد تدفع الاقتصاد إلى الأمام.
وأضاف الرئيس التنفيذي لبنك "نيويورك ميلون" روبين فينس، أن رفع الفائدة ممكن، لكنه أقل احتمالًا من الإبقاء عليها ثابتة، مشيرًا إلى أن فرض تعريفات جديدة على الصين والاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى سيناريوهات أكثر تشدداً.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "روبيني ماكرو أسوشيتس" نورييل روبيني، إنه لا يرى أي تخفيضات هذا العام لكنه لن يستبعد احتمال رفع أسعار الفائدة.
وأضاف روبيني أن المخاطر تكمن في بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي أعلن العام الماضي 4 تخفيضات هذا العام، ثم قال في ديسمبر/كانون الأول تخفيضين فقط. والآن تقدر الأسواق خفضًا واحدًا فقط، ولن يكون هناك أي تخفيضات.
وأوضح روبيني أنه إذا ارتفع التضخم الأساسي، فلا يمكن استبعاد رفع أسعار الفائدة، على الرغم من أن هذا ليس السيناريو الأساسي بالنسبة له. فالرسوم الجمركية والقيود المفروضة على الهجرة والعجز المرتفع قد تضيف المزيد من الضغوط التضخمية.
صدام مرتقب بين ترامب وباول
ألمح ترامب إلى أنه لن يكون صبورًا بانتظار خفض الفائدة، مما قد يمهد لصدام مع باول. وفي تصريحات سابقة، انتقد ترامب سياسات باول، مشيرًا إلى أن للرئيس الحق في التأثير على قرارات الاحتياطي الفيدرالي، واصفًا باول في مناسبات مختلفة بأنه مخطئ في كثير من الأحيان.
من جانبه، أكد باول أنه لا يمكن إقالته قانونيًا قبل انتهاء فترة ولايته في 2026، في حين صرح ترامب بأنه لا يخطط لإقالة باول.
وحذر روبيني من أن فقدان استقلالية الاحتياطي الفيدرالي سيؤدي إلى تفاقم التضخم، حيث ستزداد توقعات التضخم وترتفع أسعار الفائدة في السوق.
حتى لو أبقى الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير، فقد يؤدي ذلك إلى مواجهة مع الإدارة الجديدة، حيث تسعى الأخيرة إلى تيسير السياسة النقدية لتعزيز النمو الاقتصادي.