جاء الأسبوع حافلًا بالتصعيد بامتياز حيث زاد الفيدرالي من تصعيد الضغوط على الاقتصاد الأمريكي بعد رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي لكبح التضخم.
بينما تتجه التوقعات أن يتخذ الأسترالي وبنك إنجلترا خطوات مماثلة هذا الأسبوع، في الوقت الي باتت فيه أوروبا على شفا الركود في ظل استمرار تزايد ضغوط الأسعار على نطاق واسع، وأزمة طاقة تلوح في الأفق.
وعلى الرغم من فشل السيولة في تحفيز الطلب في الصين، إلا أنه في اليابان، ساهم ارتفاع أسعار السلع الأساسية وضعف الين الياباني في دفع الأسعار للارتفاع.
وفيأستراليا، هناك بعض الدلائل على أن وتيرة التضخم بدأت تهدأ، بينما ساهم تراجع الدولار الأمريكي، وضعفه المتجدد يساهم في تعزيز العملات الأخرى والسلع الرئيسية.
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثانية على التوالي في اجتماع يوليو، ليرتفع بذلك سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى نطاق يتراوح ما بين 2.25% و2.50%.
وبذلك يكون الاحتياطي الفيدرالي قد رفع سعر الفائدة خلال شهري يونيو ويوليو بنحو 150 نقطة أساس – مما يعد أكثر الخطوات المتتالية صرامة منذ حقبة مكافحة الأسعار في أوائل الثمانينيات.
وعلى عكس الارتفاع الأخير بمقدار 75 نقطة أساس الذي تم تطبيقه في يونيو، فقد تم إقرار هذه الخطوة بإجماع صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي.
وفي الوقت الحالي، وصلت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى نفس المستويات التي طبقها الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة الممتدة ما بين 2015-2018، والتي استغرقت في ذلك الوقت ثلاث سنوات للوصول إليها على عكس هذه المرة التي استغرقت خمسة أشهر فقط تمت جمعيها خلال عام 2022.
وفي خطوة غير معتادة، لم يقدم المسؤولون إرشادات واضحة بشأن حجم أو نطاق الخطوة التالية كما فعلوا في اجتماع يونيو، وبدلاً من ذلك،سيتم وضع السياسة النقدية على أساس البيانات المتوفرة لكل اجتماع على حدة.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول: في حين أن زيادة كبيرة أخرى غير معتادة قد تكون مناسبة في اجتماعنا المقبل، فإن هذا قرار سيعتمد على البيانات التي نحصل عليها خلال الفترة الممتدة بين الاجتماعين، وعارض باول افتراضات الركود، مشيراً إلى الأداء الجيد لسوق العمل.
في الوقت الحالي، يجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي نفسه في مواجهة معضلة اتخاذ القرارات المناسبة في ضوء ارتفاع معدلات التضخم بدرجة كافية لاستمرار الضغوط بما يستدعي مواصلة السياسات النقدية المتشددة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية بصفة عامة تشير إلى أن الولايات المتحدة تتجه نحو تباطؤ اقتصادي.
تراجعت معدلات ثقة المستهلك في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ فبراير2021، مما عزز التعليقات الأخيرة التي صدرت عن المؤسسات الأمريكية الكبرى بأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبنزين يوجه ميزانيات المستهلكين نحو شراء الضروريات فقط، ولا يترك مجالاً للمشتريات الاستهلاكية الأخرى.
وأدى ارتفاع أسعار المنازل بالتزامن مع زيادة معدلات الرهن العقاري إلى تزايد الضغوط على مبيعات المنازل الجديدة للمرة الخامسة هذا العام، إذ تراجعت إلى أدنى مستوياتها المسجلة في عامين مما يعكس تباطؤ أداء السوق وذلك في ظل وصول متوسط معدل الرهن العقاري لمدة 30 عاماً إلى نحو ضعف مستوياته المسجلة قبل عام من ارتفاع أسعار الفائدة.
شهد الاقتصاد الأمريكي ركوداً بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني على التوالي بمعدل 0.9% على أساس سنوي بعد تراجعه بنسبة 1.6% مقارنة بالربع السابق، وتباطأت وتيرة نمو الاستهلاك الشخصي، والذي يعد الجزء الأكبر من الاقتصاد، مقارنة بالفترة السابقة وارتفع بنسبة 1%.
كما تقدم عدد أقل من الأمريكيين للحصول على طلبات إعانة البطالة الأسبوع الماضي، مع انخفاض المطالبات للمرة الأولى في أربعة أسابيع من 261 ألف إلى 256 ألف طلب، إلا أن المعدل ما يزال ثابتاً بالقرب من أعلى مستوياته المسجلة في ثمانية أشهر، مما يشير إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد.
في المقابل، ظل الاستثمار في أنشطة الأعمال قوياً في الربع الثاني من العام الحالي، إذ ارتفعت طلبيات السلع المعمرة الأمريكية بنسبة 1.9% في يونيو، مما يعتبر أسرع بكثير من توقعات تسجيل نمو بنسبة -0.4%، فيما يعزى إلى حد كبير إلى تزايد طلبيات طائرات الدفاع، إلا أن الطلبات الأساسية كانت قوية أيضاً بنسبة 0.5% مقابل 0.2% المتوقعة.
وتجاوز مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، مقياس التضخم المفضل للاحتياطي. تحرك الدولار
أدت تعليقات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حول اتباع نهجاً أكثر حذراً مع التركيز على البيانات إلى تراجع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى تزايد الضغوط على الدولار.
وشهدت الأسهم نمواً ملحوظاً وأنهت تداولات الأسبوع في المنطقة الخضراء، على خلفية التراجع الكبير لعائدات السندات والتباطؤ المحتمل لوتيرة رفع أسعار الفائدة الذي من شأنه أن يخفف الضغوط على الشركات.
وأنهى مؤشر الدولار الأمريكي تداولات الأسبوع متراجعاً عند مستوى 105.903. الركود يطرق أوروبا/ اليورو
تزداد الآفاق الاقتصادية في منطقة اليورو سوءاً يوماً بعد الآخر، حيث يطارد الارتفاع القياسي لمعدلات التضخم المستهلكين وتتصاعد التهديدات الخاصة بإمدادات كل شيء من الغاز الطبيعي الروسي إلى مكونات التصنيع.
وتشير التراجعات الحادة لاستطلاعات الثقة إلى تراجع أداء الشركات وانخفاض إنفاق المستهلكين بوتيرة سريعة، فيما تشير التوقعات إلى ظهور المزيد من المشاكل في المستقبل، كما تلقي المخاوف المتعلقة بأزمة الطاقة بظلال كثيفة على المعنويات الهشة، بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا واختناقات العرض المستمرة بسبب اضطرابات سلاسل التوريد.
وفي إطار توقع الاتحاد الأوروبي واستعداده لمواجهة انقطاع الإمدادات من روسيا بالكامل، تم التوصل إلى اتفاق لخفض استخدام الغاز الطبيعي بنسبة 15% بعد أن أعلنت روسيا الأسبوع الماضي عن خفض عمليات التسليم بنسبة 20% نظراً لأعمال صيانة خطوط الأنابيب (TADAWUL:2360).
وارتفعت أسعار الغاز أكثر من الضعف منذ بداية يونيو وبأكثر من 10%، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتعريض الإنتاج الصناعي للخطر.
عاجل: حرب الغاز.. روسيا تسقط دولة جديدة
ومما يزيد من تعقيد الأمور، أن النمو الاقتصادي في المنطقة يأخذ اتجاهات متفاوتة، حيث أنه على الرغم من ركود الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا، أكبر اقتصاد على مستوى أوروبا، سجلت كل من إسبانيا وفرنسا نمواً في الربع الثاني من العام بدعم من تدفق السياح بعد رفع عمليات الإغلاق.
ومما يسلط الأضواء على الصعوبات المستمرة، وصل التضخم إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث وصل إلى 8.5% في ألمانيا و10.8% في اسبانيا و6.1% في فرنسا.
وعلى مدار فترة تراجعه مؤخراً، شهد اليورو أسبوعاً متقلباً وتناوب ما بين الارتفاع والتراجع بين 1.01 و1.02، وأدت أحدث مجموعة من البيانات التي عصفت بالتوقعات إلى حماية اليورو من المزيد من الانخفاض، حيث أنهى تداولات الأسبوع .1.0222.
عاجل: أرامكو (TADAWUL:2222) تفاجئ الأسواق.. قرار هام جدًا بريطانيا في أزمة/ الاسترليني
يواصل التضخم صعوده الجنوني قبيل الاجتماع القادم لبنك إنجلترا المقرر عقده هذا الأسبوع. حيث ارتفع مقياس التضخم لدى اتحاد تجار التجزئة البريطاني إلى 4.4% في يوليو مقابل 3.1% في يونيو، فيما يعد أعلى مستوياته المسجلة منذ عام 2005.
وارتفع معدل تضخم المواد الغذائية بنسبة 7% عن مستويات العام الماضي، بوتيرة أكثر حدة مقابل 5.6% في يونيو مسجلاً أكبر قفزة منذ العام 2009، وارتفع معدل التضخم للسلع غير الغذائية بنسبة 3%، وارتفع معدل تضخم الأسعار بسبب اضطرابات سلسلة التوريد، وتزايد تكاليف الإنتاج والشحن، واستمرار أزمة أوكرانيا.
وتضيف النتائج إلى التحديات التي تواجه بنك إنجلترا، الذي رفع أسعار الفائدة إلى 1.25% حتى الآن لكبح جماح التضخم، كما يساهم ذلك في تعزيز الجدل بين المتنافسين لخلافة بوريس جونسون كرئيس للوزراء، وهما ليز تروس وريشي سوناك، حيث يناقشان كيفية تخفيف الضغوط عن المستهلكين.
وكثف الزعيمان هجماتهما على البنك المركزي، منتقدين كيفية مكافحة التضخم، وفي ظل مواجهة المشاكل السياسية والاقتصادية، صمد الجنيه الإسترليني فوق مستوى 1.2100 قبل اجتماع بنك إنجلترا، وأنهى تداولات الأسبوع مرتفعاً بنسبة 1.02% عند مستوى 1.2169.
اتخذ بنك الشعب الصيني مسار حذر لتيسير السياسات النقدية هذا العام حيث أدت الزيادات الشديدة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة إلى توسيع فجوة سياسته النقدية مع الولايات المتحدة ودفع التدفقات النقدية إلى الخارج.
وفي ظل الإبقاء على معدلات القروض متوسطة الأجل لمدة عام دون تغيير عند مستوى 2.85%، قام البنك بضخ السيولة عن طريق تحويل أكثر من تريليون يوان (158 مليار دولار) هذا العام وتقليل الاحتياطي الالزامي للبنوك.
وعلى الرغم من كمية السيولة المتدفقة داخل النظام المصرفي الصيني، إلا أن الإقبال على القروض ما يزال ضعيفاً، إذ انخفض سعر الفائدة لليلة واحدة في التعاملات بين البنوك في الصين إلى أقل من 1%، مسجلاً أدنى مستوياته منذ يناير 2021.
ووفقاً لمسح أجراه بنك الشعب الصيني، انخفض إجمالي الطلب على القروض في الربع الثاني من العام إلى أدنى مستوياته المسجلة منذ عام 2016، وهذا يؤكد مدى الصعوبات التي تواجهها الصين في تعزيز النمو الاقتصادي.
واصلت الأسعار في اليابان ارتفاعها مع تزايد أسعار السلع الأساسية وضعف الين الياباني مما يجبر الشركات على تحميل المستهلكين ارتفاع التكاليف.
وكشف أحدث تقرير صادر عن بنك اليابان زيادة أسعار الخدمات بنسبة 2% في يونيو مقارنة بمستويات العام السابق، بصدارة قطاعات النقل والخدمات البريدية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بارتفاع أسعار الوقود.
وجاءت قراءة اثنين من مؤشرات أسعار المستهلك، وهما مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي الصادر عن البنك المركزي الياباني ومؤشر طوكيو لأسعار المستهلكين، أفضل مما كان متوقعاً ومقارنة بنتائج الشهر السابق.
حيث ارتفع الإنتاج الصناعي في يونيو بنسبة 8.9%، فيما يعد أسرع وتيرة منذ أكثر من تسع سنوات في ظل تخفيف الصين لتدابير احتواء تفشي فيروس كوفيد-19.
إلا أن مبيعات التجزئة كانت أضعف من المتوقع في يونيو مقارنة بمستويات العام السابق، إذ ارتفعت بنسبة 1.5%، كما ظل معدل البطالة دون تغيير في يونيو عن الشهر السابق وظل مستقراً عند مستوى 2.6%.
في حين أظهرت المؤشرات أن ديناميكيات الأسعار في اليابان أكثر هدوءاً من الغرب، إلا أنها تشير ايضاً إلى اتجاه التضخم نحو الارتفاع، مما يعزز من إمكانية استمرار ارتفاع الأسعار وما لذلك من تأثيرات محتملة على السياسات.
وفي الوقت الحالي، يبرز موقف بنك اليابان المخالف لنظرائه من بين البنوك المركزية الرئيسية الأخرى التي تسارع في رفع أسعار الفائدة، ويواصل حاكم بنك اليابان هاروهيكو كورودا التأكيد على أن نمو الأسعار المستدام، من خلال رفع الأجور، هو شرط أساسي للنظر في أي تعديل لموقف التيسير الحالي.
وانتعش الين على خلفية إمكانية تباين السياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان بعد ضعف البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة والموقف الأقل تشديداً مقارنة بسياسات الاحتياطي الفيدرالي، وابتعد الين الياباني عن أدنى مستوياته المسجلة مؤخراً، إذ أنهى تداولات الأسبوع عند مستوى133.19.
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في أستراليا بنسبة 1.8% على أساس ربع سنوي (6.1% على أساس سنوي)، أي أقل من التوقعات التي أشارت إلى ارتفاعه بنسبة 1.9% على أساس ربع سنوي (6.3% على أساس سنوي).
إلا أن قراءة متوسط مؤشر أسعار المستهلكين، وهو مقياس التضخم الأساسي الذي يفضله الاحتياطي الأسترالي، ارتفع بنسبة 4.9% مقابل 4.7%، والتي تعتبر أعلى قراءة يتم تسجيلها منذ عام 2003.
وكشف التقرير عن ارتفاع التضخم بنسبة 8% على أساس سنوي نتيجة لتزايد أسعار الوقود والمواد الغذائية، كما ارتفع معدل تضخم الخدمات الذي يشمل الإيجارات والمرافق العامة ومراكز التجميل بنسبة 5.3%.
ونمت مبيعات التجزئة في يونيو بنسبة 0.2%، بمعدل نمو أقل من نسبة 0.5% المتوقعة، ومقارنة بمكاسب الشهر السابق البالغة 0.9%، وتشير البيانات إلى أن قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم لم يؤثرا سلباً بعد على الانفاق الاستهلاكي.
وتماسك أداء الدولار الاسترالي على خلفية ارتفاع أسعار السلع الأساسية وضعف الدولار الأمريكي، على الرغم من ضعف قراءة مبيعات التجزئة والتباطؤ الاقتصادي بصفة عامة، وتأرجح الدولار الأسترالي ما بين 0.69 و0.70 قبل أن ينهي تداولات الأسبوع مغلقاً أعلى قليلاً عند مستوى 0.6987.
تشير التوقعات إلى أن أزمة الغاز المحتملة في أوروبا والتي قد تشجع على المزيد من التدفقات على النفط في سوق تتسم بشح الامدادات بالفعل، إلى جانب إمكانية تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
وأنهى خام غرب تكساس الوسيط تداولات الأسبوع مرتفعاً ب وصولاً إلى 98.62 دولار أمريكي للبرميل، في حين وصل سعر مزيج خام برنت إلى 103.97دولار أمريكي للبرميل.
وساهم تراجع عائدات سندات الخزانة الأمريكية على خلفية تراجع الدولار في انتعاش الذهب هامشياً، لينهي تداولات الأسبوع مرتفعاً بنسبة 2.68%، وصولاً إلى 1,765.94 دولار للأوقية.
وعلى الرغم من هذا الارتفاع، إلا أن الملاذ التقليدي ما يزال يتجه نحو خسارة شهرية رابعة على التوالي حيث تساهم مرونة الدولار وارتفاع أسعار الفائدة في إضعاف جاذبية المعدن الثمين.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي ضعف النمو الاقتصادي في الأسواق الكبرى مثل الصين والهند إلى إضعاف الطلب على الحلي الذهبية هذا العام، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، مما يساهم في عدم استقرار الأسعار.