يركّز برنامج التحول الوطني في المملكة العربية السعودية على دعم الابتكار، حيث تهدف "رؤية 2030" إلى تعزيز مكانة المملكة كإحدى الدول العشر الأولى على مؤشر التنافسية العالمية بحلول عام 2030، من المرتبة 24 حالياً.
يُعتبر البحث والتطوير من المقوّمات الأساسية لتعزيز الابتكار وتحقيق مراكز متقدمة على مؤشرات التنافسية العالمية.
لا شك بأن نهج السعودية في تنمية أعمال البحث والتطوير عبر بناء جسور التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمثل حجر أساس في تحسين القدرات الابتكارية للمواهب التقنية في البلاد، حيث تهدف "رؤية 2030" إلى أن تحقق خمس جامعات سعودية على الأقل مركزاً بين أفضل 200 جامعة في التصنيف الدولي.
أعلنت المملكة عن برنامج جديد لتعزيز البحث والتطوير والابتكار يهدف لرفد الناتج المحلي الإجمالي للدولة بـ60 مليار ريال سعودي (16 مليار دولار) بحلول عام 2040. وتركز المبادرة على استثمار 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سنوياً، وتوفير فرص العمل في القطاعات العلمية والتقنية، بما يسهم بتحويل اقتصاد المملكة لأحد أكبر اقتصادات العالم.
التكنولوجيا من المقوّمات الأساسية لتحقيق "رؤية 2030"، حيث تركز الحكومة على تمكين روّاد الأعمال وتعزيز استثمارات الشركات الخاصة والعامة لتطوير القطاع التقني.
وفقاً لمؤسسة البيانات الدولية، من المتوقع أن تنفق المملكة 33 مليار دولار في عام 2022 على تطوير تقنية المعلومات والاتصالات، حيث حقق القطاع التقني نمواً بنسبة 8% بين عامي 2019 و2021، وحقق الاقتصاد أكبر معدل نمو في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بالأعوام العشرة الماضية بفضل نمو قطاع النفط.
عالمياً، تُعتبر الصين اليوم المثال الأهم الذي يمكن التعلّم منه في مجال وضع استراتيجيات التنمية الوطنية التي تركز على الابتكار لتحسين الاقتصاد والقدرات التنافسية، فقد ضخّت الصين على مدار الأعوام الماضية استثمارات ضخمة في الابتكار المبني على نتائج البحث والتطوير في القطاعين العام والخاص.
يبدو ذلك جلّياً في القطاع التكنولوجي الذي أثمر عن تقنيات ثورية كالذكاء الاصطناعي والجيل الخامس. بفضل هذه الجهود، تمكّنت الصين من تجاوز الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص في أبحاث الذكاء الاصطناعي، حيث يواصل الباحثون الصينيون نشر أبحاثهم بكثافة، وحققوا براءات اختراع أكثر من باحثي الولايات المتحدة.
ستصبح الشركات الصينية في وقت قريب رائدة على المستوى العالمي في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي. في عام 2021، استحوذت الصين على خُمس استثمارات القطاع الخاص في الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، ووصلت قيمة الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التي تم تأسيسها في البلاد إلى 17 مليار دولار، وهو تطور واعد تركز عليه المملكة العربية السعودية وتهتم به بشكل استثنائي.
على ضوء التجربة الصينية، يمكن للمملكة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتنمية الاقتصاد الرقمي. من المتوقع أن تصل نسبة إيرادات دول الشرق الأوسط من الذكاء الاصطناعي إلى 2% من إجمالي الإيرادات على المستوى العالمي في عام 2030 أي ما يعادل 320 مليار دولار. كما من المتوقع أن تستحوذ المملكة على النسبة الأكبر من الإيرادات، حيث ساهم الذكاء الاصطناعي برفد الاقتصاد السعودي بأكثر من 135.2 مليار دولار وفقاً لتقرير نشرته شركة بي دبليو سي.
وفقاً التقرير السنوي لمنصة "ماغنت" (Magnitt) للبيانات، حقق النظام الإيكولوجي المزدهر في المملكة أفضل النتائج في تمويل المشاريع وعقد الصفقات في عام 2021، تمثلت بإيرادات بلغت 548 مليون دولار.
تهدف المملكة إلى إعداد أفضل المواهب المحلية واستقطاب المهارات الدولية وتعزيز التعاون مع أكبر مراكز البحوث والشركات العالمية والخاصة والمؤسسات غير الربحية، مع التركيز بشكل متزايد على الشركات الناشئة.
كما تتطلع السعودية لجذب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في البيانات والذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال التي تهدف للتحوّل بالقوة العاملة من خلال التدريب ورفد القطاع التقني بـ20 ألف خبير ومتخصص، بمن فيهم 5 آلاف من ذوي الخبرة الكبيرة في الذكاء الاصطناعي والبيانات. وبفضل ذلك، ستتمكن الشركات السعودية من الحفاظ على قدراتها التنافسية بتحسين عملية اتخاذ القرار وحل المشاكل الإدارية والحد من التكاليف وتعزيز الخدمات.
.