شهدت أسعار أسطوانة البوتاجاز المنزلية في مصر قفزة كبيرة على مدار الثلاثة عقود الأخيرة، حيث ارتفعت بمعدل *5900%* بين عامي 1991 و2024. ففي عام 1991 كان سعر أسطوانة البوتاجاز لا يتجاوز *2.5 جنيه، بينما وصل السعر في سبتمبر 2024 إلى **150 جنيهاً*. هذه الزيادة الكبيرة تعكس عدة عوامل اقتصادية واجتماعية وتأثيرات محلية وعالمية ساهمت في تغير تكلفة هذه السلعة الأساسية.
تطور الأسعار عبر العقود: - في *عام 1991: كان سعر أسطوانة البوتاجاز **2.5 جنيه*، حيث كانت الحكومة تقدم دعماً واسعاً لتوفير الوقود بأسعار زهيدة للمواطنين. - في *2012: ارتفع السعر إلى **5 جنيهات*، حيث بدأت الحكومة في تقليص الدعم تدريجياً في إطار سياسات إصلاح الاقتصاد. - في السنوات التالية، تسارعت وتيرة الزيادات: *8 جنيهات في 2013* *15 جنيهاً في 2016* *30 جنيهاً في 2017* *50 جنيهاً في 2018* *65 جنيهاً في 2019* *70 جنيهاً في 2021* *75 جنيهاً في 2023* وأخيراً، وصل السعر إلى *150 جنيهاً* في سبتمبر 2024، مما يمثل أعلى مستوى له في تاريخ أسعار البوتاجاز في مصر.
*أسباب ارتفاع أسعار البوتاجاز:*
أ. *تحرير الدعم الحكومي:* منذ بداية الألفية الثالثة، تبنت الحكومة المصرية سياسة رفع الدعم تدريجياً عن السلع الأساسية، بما في ذلك البوتاجاز. كانت هذه الإجراءات جزءاً من خطط الإصلاح الاقتصادي المدعومة من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، التي طالبت بتخفيف الدعم الحكومي للوقود بهدف تخفيض عجز الموازنة.
ب. *تغيرات أسعار الطاقة عالمياً:* شهدت أسعار الطاقة والمواد الخام ارتفاعات عالمية متكررة، مما أثر بشكل مباشر على تكاليف إنتاج واستيراد البوتاجاز. مع اعتماد مصر جزئياً على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق المحلي، زادت هذه التكاليف نتيجة لعوامل مثل ارتفاع أسعار النفط وتقلبات أسعار الصرف.
ج. *تضخم الاقتصاد المحلي:* منذ تحرير سعر الصرف في 2016، شهد الاقتصاد المصري ارتفاعاً في معدلات التضخم، ما أثر على جميع السلع والخدمات، بما في ذلك أسعار أسطوانة البوتاجاز. التضخم الاقتصادي أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، مما دفع إلى زيادة أسعار الوقود والسلع الأخرى بشكل ملحوظ.
د. *زيادة الطلب السكاني:* مع تزايد عدد السكان في مصر وزيادة احتياجات الأسر المصرية من الطاقة، ارتفع الطلب على أسطوانات البوتاجاز بشكل كبير. ومع ارتفاع الطلب، وزيادة التكلفة، ارتفعت الأسعار لتلبية هذه الاحتياجات.
*آثار الزيادة على المواطن المصري:*
أ. *ارتفاع تكاليف المعيشة:* لا شك أن الزيادة المستمرة في أسعار أسطوانة البوتاجاز أثرت بشكل كبير على تكاليف المعيشة، خاصة للأسر ذات الدخل المحدود. تعتمد معظم الأسر المصرية على أسطوانات البوتاجاز لأغراض الطهي، وبالتالي فإن ارتفاع أسعارها يزيد العبء المالي على الأسر.
ب. *البحث عن بدائل للطاقة:* مع استمرار ارتفاع الأسعار، بدأت بعض الأسر تفكر في البحث عن بدائل للطاقة مثل الغاز الطبيعي أو الكهرباء. ومع ذلك، فإن هذه البدائل ليست متاحة بشكل متساوٍ في جميع المناطق، خاصة في المناطق الريفية أو العشوائية، مما يزيد من صعوبة الحصول على مصادر بديلة للطاقة.
. التحديات المستقبلية والحلول الممكنة:*
أ. *استمرار الضغط على الأسر ذات الدخل المحدود:* في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، سيواجه المواطنون ذوو الدخل المحدود تحديات أكبر لتلبية احتياجاتهم اليومية. لذا، من المهم أن تضع الحكومة برامج دعم موجهة لهذه الفئات، مثل برامج الدعم النقدي المباشر أو تقديم بدائل للطاقة بتكلفة أقل.
ب. *توسيع شبكات الغاز الطبيعي:* أحد الحلول الممكنة هو تسريع توسيع شبكات الغاز الطبيعي لتغطية مناطق أكثر في مصر، خاصة المناطق الريفية والعشوائية. سيقلل هذا من اعتماد المواطنين على أسطوانات البوتاجاز ويوفر لهم طاقة أكثر استدامة وأقل تكلفة على المدى الطويل.
ج. تشجيع الطاقة البديلة: مع تزايد التركيز على الاستدامة، يمكن للحكومة المصرية العمل على تعزيز استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية في المنازل لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. هذه الخطوة قد تسهم في تخفيف الأعباء عن المواطنين وتوفير طاقة نظيفة.
التضخم في أسعار أسطوانة البوتاجاز المنزلية من 1991 إلى 2024 يعكس التحديات الاقتصادية التي واجهتها مصر على مدى العقود الثلاثة الماضية. ومع أن هذه الزيادات كانت ضرورية في سياق الإصلاحات الاقتصادية، إلا أنها فرضت ضغوطاً كبيرة على المواطن المصري. يجب أن تسعى الحكومة إلى تحقيق توازن بين تحرير الأسعار ودعم الفئات الأكثر تضرراً لضمان استدامة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.