تراجعت مبيعات القروض بالدولار خلال النصف الأول من العام في جميع أنحاء آسيا، باستثناء اليابان، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010، بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض بالعملة الأميركية، واختارت الشركات طرقاً أخرى للتمويل، أو أجلت خططها قدر الإمكان.
انخفض حجم القروض، التي تستثني التسهيلات الثنائية، بنسبة 44% إلى نحو 45.5 مليار دولار في هذه الفترة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2010 عندما تم إبرام صفقات بقيمة 34.9 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". يتناقض هذا الرقم بشكل صارخ مع القروض العالمية بالعملة الأميركية، والتي قفزت بنسبة 37% إلى ما يقرب من تريليوني دولار في النصف الأول من عام 2024، وهو أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات.
يسلط الاختلاف في أحجام القروض الدولارية في المنطقة عن الاتجاه العالمي الضوء على تراجع المقترضين الآسيويين عن الحصول على تمويل بالعملة الأميركية بسبب ارتفاع أسعار الفائدة من ناحية، وكذلك مدى توفر خيارات بديلة لجمع الديون مثل سندات العملات المحلية وتمويل البنوك من جهة أخرى.
وقال بيرندرا بايد، رئيس إدارة القروض المشتركة الآسيوية في "دويتشه بنك" بسنغافورة، إن الاختلاف بأسعار الفائدة في التمويل بالعملة المحلية والدولار يجعل تكلفة الاقتراض محلياً أكثر جاذبية، حتى بالنسبة للشركات ذات الدخل بالدولار. وأضاف: "كما أن أسواق رأس المال بالعملة المحلية تشهد نضوجاً في بعض الدول مثل الهند، مما يفتح خيارات إضافية أمام المقترضين".
ارتفع معدل الفائدة الخالي من المخاطر أو "سعر الفائدة لأجل ليلة واحدة المضمون" (SOFR)، وهو المعيار المستخدم في معظم الصفقات في آسيا، إلى أكثر من 5% الآن، مقارنة بالاقتراب من الصفر في عام 2022، وذلك مع قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بإحدى أسرع دورات رفع أسعار الفائدة على الإطلاق.
ارتفع سعر التمويل الآمن لليلة واحدة الخالي من المخاطر -أو SOFR- والذي يُعد المرجع لمعظم الصفقات في آسيا، إلى أكثر من 5% الآن من الصفر تقريباً في عام 2022، بعد أن أطلق بنك الاحتياطي الفيدرالي إحدى أكثر دورات رفع أسعار الفائدة حدة على مدار جيل كامل.
في حين يظل سعر الفائدة القياسي في الولايات المتحدة عند مستوى 5.5%، فإن أسعار الفائدة الرسمية في مختلف الاقتصادات الكبرى في آسيا تتراوح من نحو الصفر في اليابان إلى 6.5% في الهند والفلبين. ويبلغ سعر الفائدة الرئيسي في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، 3.45%.
ودفع ذلك شركات مثل شركة "ترو" (True Corp)، أكبر مشغل للهاتف المحمول في تايلاند، إلى المغامرة في أسواق بديلة في محاولة لخفض تكاليف التمويل مع بقاء أسعار الفائدة على الدولار مرتفعة. وتقوم الشركة بتسويق أول قرض مقوم بالين بقيمة 109.9 مليار ين (683 مليون دولار) مرتبط بالاستدامة.
تشهد سوق السندات في جميع أنحاء آسيا إقبالاً كبيراً من جانب المقترضين، خاصة سندات العملات المحلية، وذلك بسبب فارق أسعار الفائدة بشكل رئيسي، بالإضافة إلى متطلبات ضمانات أقل وسيولة أعلى.
أظهرت بيانات جمعتها "بلومبرغ" أن إجمالي إصدار سندات الشركات في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ بجميع العملات ارتفع إلى 1.3 تريليون دولار هذا العام، مع وصول مبيعات الشركات من الديون بالعملة المحلية إلى مستوى قياسي خلال النصف الأول.
ومع ذلك، يتوقع المصرفيون، مثل "بايد"، حدوث انتعاش في صفقات القروض في النصف الثاني بعد تحسن احتمالات خفض أسعار الفائدة الأميركية.
وقال: "من المتوقع أيضاً أن ينتعش نشاط الأسهم الخاصة، مما يحسن تدفق صفقات التمويل". وأضاف: "تُظهر الصين أيضاً علامة على الوصول إلى القاع مع تراكم خطط الأعمال بشكل مطرد".