دفعت الفائدة المرتفعة وفروق سعر صرف الدولار أمام الجنيه إلى تسارع وتيرة أرباح البنوك المدرجة في البورصة المصرية إلى نحو الضعف خلال الربع الأول من العام الجاري لتسجل 35.4 مليار جنيه، مقارنة بـ18.1 مليار فى الفترة المماثلة من العام الماضي، وفق مسح أجرته "الشرق" لميزانيات 11 بنكاً مدرجاً بسوق المال.
أسعار الفائدة في مصر ارتفعت 1900 نقطة أساس منذ مارس 2022، فيما بلغت فروق العملة في الفترة بين الربع الأول من العام المنقضي والحالي نحو 7 جنيهات للدولار الواحد.
عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم في شركة "ثاندر لتداول الأوراق المالية" قال لـ"الشرق" أن تضاعف أرباح غالبية البنوك سببه الرئيس "القفزة الكبيرة فى حجم ودائع العملاء جراء رفع أسعار الفائدة، ما تسبب في اتجاه قطاع واسع من العملاء للبنوك، للاستفادة من هذه الفائدة الكبيرة".
أضاف أن "البنوك حققت مكاسب ضخمة من فروق العملة"، متوقعاً في الوقت ذاته أن تشهد أرباح البنوك ارتفاعات استثنائية خلال المدة المتبقية من العام بدعم فروق العملة بعد تحرير سعر الصرف فى مارس الماضي.
تهاوت العملة المصرية بنحو 60% في ليلة واحدة عقب تحرير سعر الصرف في مارس الماضي. ومنذ ذلك الحين يشهد الجنيه الذي يُعد ثالث أسوأ عملة أداءً أمام الدولار خلال العام الجاري، سلسلة من التقلبات في نطاق يترواح وفقاً لأسعار صرف البنك المركزي بين 46.8 جنيه و49.6 جنيه.
تصدّر البنك التجاري الدولي قيمة أرباح البنوك المدرجة فى مصر خلال الربع الأول من العام مسجلاً 11.9 مليار جنيه، بمعدل نمو نسبته 97% على أساس سنوي، مدفوعاً بزيادة صافي أرباح الدخل من العوائد والعمولات والأتعاب.
قال هشام عز العرب رئيس مجلس الإدارة إن ارتفاع أرباح البنك جاء مدعوماً بالأساس برفع سعر الفائدة وتحرير سعر الصرف.
وفي حال احتساب الأرباح بالدولار بعد الانخفاض الأخير في قيمة الجنيه، لتحييد الأرقام والحركات الاستثنائية للتحقق من النشاط الأساسي "نجد زيادة في الأرباح بنسبة 29% بالدولار للربع الحالي مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي"، وفق عز العرب في تصريحات صحفية سابقة.
منصف مرسي، رئيس قطاع البحوث بشركة سي أي كابيتال، يرى أن البنوك استفادت من الفائدة المرتفعة فى شقين، أولهما استقطاب شرائح كبيرة من العملاء في كافة المنتجات الادخارية، واستثمار هذه المدخرات في أدوات الدين الحكومية نظير عوائد كبيرة".
تستثمر البنوك العاملة فى مصر جزءاً من السيولة المتاحة لديها فى العطاءات التي يطرحها البنك المركزي، والتي تنقسم لعطاء بمعدل فائدة ثابت يحدده المركزي بأجل 7 أيام، وآخر بنظام آلية السوق المفتوح بأجل 28 يوماً بفائدة تساوي متوسط سعر العائد على الإيداع والإقراض.
فيما يقول هاني عامر، رئيس مشارك في قسم البحوث بشركة العربي الإفريقي الدولي لتداول الأوراق المالية لـ"الشرق"، إن البنوك حققت مكاسب كبيرة جراء إعادة تقييم الأصول بعد تحرير سعر الصرف، وأضاف: "جزء كبير من معدلات نمو أرباح البنوك ناتجة عن تحرير سعر الصرف وليس من النشاط التشغيلي القائم على الإقراض والاستثمار".
عامر يرى أن نتائج أعمال البنوك ستواصل مسارها الإيجابي، حتى حال خفض الفائدة، كون ذلك "سيحفز الشركات على التوسع في الاقتراض ومن ثم زيادة حجم محفظة القروض لدى البنوك".
سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقاً، اتفقت مع عامر أن النظرة المستقبلية لقطاع البنوك في مصر ستظل إيجابية، حيث إن "حل أزمة شح الدولار في مارس الماضي سيحسن نتائج البنوك الفصلية القادمة، إذ ستزيد معدلات اقتراض الشركات مع عودة المصانع للعمل بالطاقة الاعتيادية".
تسببت أزمة شُح الدولار في مصر، والتي جرى حلها مؤخراً، في عدم قدرة البنوك على توفير العملات الأجنبية للإفراج عن البضائع المتكدسة فى الموانئ، ما دفع المصانع وقتها لتقليص إنتاجها لعدم توافر المواد الخام بالشكل الأمثل.
الدماطي أشارت إلى أنه في حال تم تخفيض الفائدة فإن معدل نمو القروض، خاصة الشخصية والسيارات، سيزيد بشكل كبير. قالت: " كما أن توسع البنوك مؤخراً فى طرح حسابات توفير بعوائد تصل إلى 15 و20% من شأنه أن يسهم في زيادة ربحية البنوك، حيث يقوم البنك في المقابل بإقراض العملاء بفائدة تصل إلى 30%".
يبلغ حالياً عائد الإيداع والإقراض في مصر لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب.
أرباح البنوك لم تتوقف فقط عند أسعار الفائدة المرتفعة وتحرير الجنيه، إذ ترى سهر الدماطي أن زيادة البنوك رسوم مصروفاتها وخدماتها المختلفة منذ بداية العام ساهم أيضاً في تعظيم ربحية القطاع المصرفي.
قامت البنوك بزيادة مصروفات خدماتها المختلفة منذ بداية العام، مع الاستمرار في تطبيق رسوم مقابل تدبير العملات الأجنبية بواقع 10% لكل عملية، وذلك على عمليات الاستيراد وعلى المعاملات الدولية باستخدام البطاقات الائتمانية.