التعويم سلاح ذو حدين ولكنه جاء وفق الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية
رفع الفائدة جاء مماثل لاقتصاديات كبرى مثل أميركا وإن اختلفت النسبة
قرارات المركزي تعيد الاقتصاد المصري للمسار الطبيعي
التعويم سوف يساهم في ارتفاع تكلفة الدين التي تتزايد على الموازنة العامة للدولة
القضاء على السوق الموازية كان المكسب الأكبر
اتخذ البنك المركزي المصري قراراً منتظراً برفع معدلات الفائدة 600 نقطة أساس، تبعها تحرير لسعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، في خطوة كثيراً ما نادى بها صندوق النقد الدولي لتسريع إجراءات حصول مصر على تمويل جديد.
تخفيض سعر الصرف أو "التعويم" هو الدواء المر الذي لجأت إليه مصر لعلاج أزمتها الاقتصادية الصعبة التي جاءت نتيجة ضغوطات معظمها خارجية تمثلت في أحداث جيوسياسية صعبة أثرت على المنطقة والعالم ولكن تأثيرها على مصر صاحبه الاقتصاد النامي كان الأصعب.
ويعاني الشارع المصري من ارتفاع حاد لأسعار السلع الأساسية نتيجة تضخم مرتفع نتيجه وجود سوق موازي للدولار، ورغم تباطأ معدل التضخم في مصر إلى 29.8% على أساس سنوي في يناير من 33.7% في ديسمبر، وسجل أعلى مستوى تاريخياً عند 38% في سبتمبر، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إلا أن المردود على الشارع كان ضعيفاً.
التعويم الحل الأمثل "هو الحل الأمثل" هكذا وصف الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، في تصريحات لـ CNBC عربية، قرارات البنك المركزي المصري، مؤكدا أن هذه القرارات سلاح ذو حدين ولكنها جاءت وفق الأوضاع الاقتصادية و الجيوسياسية الحالية.
وضرب مثال بتركيا التي رفعت أسعار الفائدة لأكثر من 45% وكذلك الفيدرالي الأميركي المستمر في سياسته التشددية وإن اختلفت النسبة، وهو ما أنعكس بالطبع على مصر، وجعل هناك متطلبات رفع الفائدة.
وعن الإيجابيات قال أن القرار سيعيد سوق الصرف إلى البنوك مرة أخرى بعد أن خرجت للسوق السوداء لسنوات، بخلاف وجود تسعير عادل للجنيه من خلال العرض والطلب وليس لمضاربات.
ولكن هناك سلبيات عددها "بدرة" بتكلفة الدين التي تتزايد على الموازنة العامة للدولة، كما أن القيمة المرتفعة للفائدة سوف تحد من الاستثمار الداخلي بسبب كلفة الدين. بخلاف تأثر ذلك على بعض السلع المستوردة التي كانت تُدبر متطلبات الاستيراد الخاصة بها من البنوك.
أما عن الأسواق وأسعارها، قال أستاذ التمويل والاستثمار، إن الأسواق تحتاج إلى وقت لتنعكس الاصلاحيات الجديدة عليها بعد قرارات المركزي الأخيرة، ومنها سوق الذهب الذي بدأ يعود إلى مستويات السعر الحقيقي رغم الارتفاع العالمي، أما السلع الغذائية فقد تحتاج إلى ما يقرب من شهرين لتتكيف مع الأسعار الجديدة وهو أمر مرتبط بسرعة الإفراج عن المنتجات من الموانئ.
السوق السوداء سبب تأخر الاستثمارات الخليجية واتفق الخبير الاقتصادي علي الإدريسي، في تصريحات لـ CNBC عربية أن القرار جاء لإنهاء حالة من عدم التوازن في الاقتصاد المصري وكانت سبباً في تأخر إتمام عدد من الصفقات الخليجية في مصر في ظل أزمة دولارية حادة تسببت في خلق سوق موازية للدولار.
وأوضح أن هناك بالفعل تأثيرات سلبية لقرار التعويم ولكنه جاء ليساهم في إنهاء العديد من الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد، وأوضح أن التعويم الحالي حر كما أعلن البنك المركزي المصري ولكنه سوف يتدخل حال وجود تحركات مفرطة أو طارئة على سوق الصرف.
مؤكدا أن القضاء على السوق الموازية كان المكسب الأكبر وهو ضروري لعودة الاستقرار إلى السوق وفتح المجال للاستثمارات الخارجية، كما أنه ساعد في الوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد ورفع قيمته إلى 8 مليار دولار.
وتابع أن الحكومة تسير على نهج متوازن مع السياسة النقدية والمالية من خلال تخفيض الخطة الاستثمارية للوصول إلى مليار جنيه فقط.
البورصة المصرية تأثرت بالسلب البورصة المصرية تأثرت بالسلب، هكذا قالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، في تصريحات لـ CNBC عربية، عن قرارات البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة وتحريك سعر صرف الجنيه.
وأكدت أن رفع أسعار الفائدة ساهم في خروج العديد من المستثمرين وخاصة من صغار المستثمرين بعيداً عن البورصة المصرية لصالح الشهادات ذات العائد المرتفع ، والتي تتسم بمخاطر ضعيفة بخلاف البورصة عالية المخاطر.
بخلاف التأثير السلبي على الشركات المقيدة في البورصة بسبب صعوبة الحصول على تمويل من البنوك لخطط التوسع جراء ارتفاع الفائدة وهو ما ينعكس على قيمة الأسهم والتداول عليها .
وقالت إنه من بعد القرارات والتي شملت رفع أسعار الفائدة خرجت سيولة كبيرة من السوق وهوت بالمؤشرات في المنطقة الحمراء، ولكن تحرير سعر الصرف ساهم في رفع عدد من الأسهم.