وجه البنك المركزي المصري، البنوك العاملة في البلاد بوقف استخدام "بطاقات الخصم المباشر" للعملاء في الخارج، على أن يقتصر استخدامها داخل مصر فقط، دون أن يحدد الفترة الزمنية للعمل بهذا التوجيه، بحسب 4 رؤساء بنوك عاملة في مصر تحدثت مع "الشرق".
تأتي التعليمات الشفهية للبنوك العاملة في مصر، في وقت تعاني فيه البلاد من شح واضح في العملة الصعبة، على الرغم من تخفيض مصر قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ بداية 2022 وفقدانه ما يقرب من نصف قيمته أمام الدولار.
أحد رؤساء البنوك الخاصة الذين تحدثوا مع "الشرق"، عزا قرار البنك المركزي إلى "ندرة العملة الأجنبية التي تعاني منها البنوك، وما تم رصده من سوء استخدام لبطاقات الخصم من جانب العملاء خارج البلاد".
حذرت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، الخميس الماضي، من أن مصر سوف تستنزف احتياطاتها من العملة الأجنبية ما لم تخفّض قيمة الجنيه مرة أخرى، وذلك رغم إشادتها بالخطوات التي اتخذتها لتصحيح الاقتصاد المأزوم.
قالت غورغييفا في مقابلة مع "بلومبرغ" إن البلاد تؤجل أمراً لا مفر منه، عبر الامتناع عن تخفيض الجنيه مرة أخرى، موضحة أن طول الانتظار يجعل الأمور أسوأ مما هي عليه.
انخفض صافي الاحتياطي الأجنبي لدى مصر -التي يعد اقتصادها البالغ حجمه 470 مليار دولار محوراً إقليمياً حيوياً لطرق الطاقة والتجارة- في العام الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 2017، قبل أن يستقر في الأشهر الأخيرة عند 35 مليار دولار في سبتمبر، أي أنه لا يزال متراجعاً بأكثر من الخُمس من أعلى مستوى له في 2020.
ومع ذلك، فإن المحافظة على استقرار الجنيه تأتي بتكلفة، إذ أدى ذلك إلى استنزاف النقد الأجنبي من الاقتصاد عبر سحب صافي الأصول الأجنبية للبنوك التجارية، والتي تقلصت في أغسطس بأكثر من 5% إلى 13.1 مليار دولار، وفق حسابات إدارة الأبحاث في شركة "إتش سي" في القاهرة.
بدأت البنوك العاملة في مصر إرسال رسائل نصية إلى عملائها لإبلاغهم بالقرار الجديد باقتصار استخدام بطاقات الخصم داخل مصر فقط. ومن تلك البنوك، البنك التجاري الدولي مصر، والبنك العربي، والبنك العربي الأفريقي الدولي، وبنك التعمير والإسكان. ويتوقع أن تواصل باقي البنوك خلال اليوم والأيام القليلة المقبلة، إبلاغ عملائها بالقرار.
يبلغ عدد البنوك العاملة في مصر 38 بنكاً، منها 9 بنوك حكومية، ويعد البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة، من أكبرها.
هاني جنينة، كبير الاقتصاديين والمحللين الاستراتيجيين في "كايرو كابيتال"، عزا لـ"الشرق" لجوء البنك المركزي إلى وقف استخدام بطاقات الخصم المباشر في الخارج إلى "حالة الذعر في الأسواق خلال اليومين الماضيين بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة.. بالتأكيد لاحظ البنك المركزي قفزة في السحوبات، ولذا كان القرار بالوقف".
تأثرت السوق الموازية للعملة في مصر بتخفيضات البنوك العالمية لتصنيف مصر، وحثّ مديرة صندوق النقد مصر على تحرير عملتها. وارتفع سعر صرف الدولار الأميركي إلى 41 جنيهاً من 39.5-40 جنيهاً مطلع الأسبوع الماضي، بحسب متعاملين في السوق تحدثوا مع "الشرق".
أحد رؤساء البنوك الخاصة الذين تحدثوا مع "الشرق" قال إن "البنك المركزي المصري لم يحدد موعداً زمنياً لإيقاف استخدام بطاقات الخصم في الخارج"، مضيفاً أن "الأمر مرتبط بشكل أكبر بموقف السيولة الأجنبية لدى البنوك.. وحدود سحب البطاقات الائتمانية في الخارج سيتم تقليصها أيضاً".