خبيرة أميركية: الاتفاق التجاري بين أميركا وبريطانيا يوضح تحوّل سياسة ترامب التجارية

قالت خبيرة الاقتصاد السياسي الدولي وزميلة السياسة التجارية بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي الدكتورة إينو ماناك، في تقرير نُشر على موقع المجلس، إن المملكة المتحدة أبرمت أول اتفاق تجاري مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ليشكّل بذلك نموذجًا محتملاً لدول أخرى. ورغم أن الاتفاق ليس شاملاً، فإنه يواجه رفع ترامب للرسوم الجمركية مؤخرًا، ويحدد أولويات التعاون، ويضع أساسًا لمحادثات مستقبلية حول مجموعة من القضايا.

ويُعد الاتفاق، المؤلف من خمس صفحات، محدودًا مقارنةً بأغلب الاتفاقات التجارية الكبرى، ما يعني أن تأثيره الاقتصادي الفوري سيكون محدودًا كذلك.

لكن الاتفاقات التجارية لا تتعلق بالاقتصاد فقط، بل تُعد أدوات تُستخدم لتشكيل نظام من القواعد تتعامل الدول من خلاله، وفق وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

كان ترامب قد فرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات في 2 أبريل/نيسان الماضي، بالإضافة إلى رسوم "متبادلة" على دول ترى الإدارة الأميركية أن ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة غير متوازن.

وأشارت ماناك إلى أنه رغم إلغاء معظم الرسوم المتبادلة – باستثناء تلك المفروضة على الصين – فإن الرسوم الأساسية البالغة 10% ما زالت قائمة. وهذه الرسوم تُعد خرقًا لالتزامات الولايات المتحدة أمام 166 دولة عضوًا في منظمة التجارة العالمية، والتي تفرض سقفًا محددًا للرسوم الجمركية تُعرف باسم "معدلات الدولة الأَولى بالرعاية".

وفي الاتفاق المُعلن حديثًا مع المملكة المتحدة، تم الإبقاء على رسوم الـ 10%، ما يجعلها تُشكّل، بحكم الأمر الواقع، المعدل الأساسي الجديد للرسوم الأميركية. وقبول لندن بهذه النسبة يعني أن الدول الأخرى قد تُجبر على قبولها أيضًا في المستقبل.

ولفتت ماناك إلى أن لهذا الأمر تداعيات خطيرة، لأمرين: أولًا، لأن أكثر من 80% من التجارة العالمية يتم وفقًا لمعدلات الدولة الأَولى بالرعاية، وثانيًا، لأن الدول الأخرى التي ستتفاوض مع واشنطن لاحقًا قد تواجه المصير ذاته، في حال لم تستطع المملكة المتحدة التفاوض على تخفيضها.

رسوم غامضة

من بين الرسوم الجمركية الرئيسية الأخرى، تلك التي فرضها ترامب بنسبة 25% على السيارات وقطع غيارها، وكذلك على الصلب والألمنيوم.

وقد حصلت المملكة المتحدة على تعليق مؤقت للرسوم على السيارات، لكنها أصبحت مطالبة بالتقيد بحصة معينة: حيث تُفرض رسوم بنسبة 10% على أول 100 ألف مركبة (إضافةً إلى 2.5% بموجب معدل الدولة الأَولى بالرعاية)، في حين تُفرض رسوم بنسبة 25% على أي صادرات تتجاوز هذه الحصة.

أما في ما يخص الصلب والألمنيوم، فالوضع أكثر غموضًا؛ إذ لم يُعلن عن حجم الحصة التي ستُخصص للمملكة المتحدة، كما لم تُحدَّد معايير تتبع المحتوى المطلوب الالتزام بها.

رغم أن الاتفاق يُعد الأول من نوعه، فإنه يتضمّن بعض العناصر المألوفة في الاتفاقات التجارية، مثل التطرق إلى الحواجز غير الجمركية، كالمعايير الصحية ومعايير السلامة الغذائية والزراعية.

تأسيس لسياسة تجارية أميركية جديدة

يرسم هذا الاتفاق الأميركي البريطاني ملامح السياسة التجارية في ظل إدارة ترامب، ويتضمن عناصر قد تؤثر على جميع شركاء التجارة الأميركيين.

أولًا، تم التأكيد على التعاون في "الأمن الاقتصادي"، وهو مجال لم تضع له الولايات المتحدة حتى الآن استراتيجية واضحة. وأشارت إحدى الفقرات إلى تنسيق الجهود تجاه "السياسات غير السوقية للدول الثالثة"، في إشارة ضمنية إلى الصين.

ثانيًا، ينص الاتفاق على بند يتعلق بقواعد المنشأ، يهدف إلى منع دول غير مشاركة من الاستفادة من الاتفاق للالتفاف على الرسوم الجمركية. وتحدد هذه القواعد الحد الأدنى من مكونات المنتج التي يجب أن تكون منشأها من أراضي الطرفين.

واختتمت ماناك تقريرها بالقول إن هذا الاتفاق يُعد إطارًا لمحادثات مستقبلية، رغم تأثيره الفوري المحدود. وهو يعكس توجّهًا جديدًا في السياسة التجارية الأميركية، حيث يصبح كل اتفاق قابلًا للمراجعة الدائمة ومعرّضًا لخطر الإلغاء.

مواضيع مرتبطة
التعليقات
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook