تشهد أوروبا نشاطاً قوياً لصفقات التمويل الجريء في الوقت الذي تحفز فيه وفرة النقدية وتقلب البورصات وانخفاض التقييمات الشركات على الحفاظ على خصوصية ملكيتهم لوقت أطول.
في النصف الأول من العام الجاري، جمعت صفقات رأس المال المغامر الأوروبية ما يناهز 57 مليار دولار، بانخفاض 4% فقط عن نفس الفترة العام الماضي، وفق بيانات قدمتها شركة التحليلات "بيتش بوك" (PitchBook).
تراجعت شهية المخاطرة نتيجة الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة المتصاعدة، بجانب تهديد الركود الناجم عن رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة لكبح التضخم الجامح، ما ألغى خطط الطروحات الأولية للجمهور عالمياً، وفي نفس الوقت حرص مستثمرو الملكية الخاصة، الذين تتوفر لديهم النقدية بكثرة، على تشغيل أموالهم، وبالتالي تمكنت الشركات من تأجيل خطط الإدراج لوقت لاحق من دورات حياتها أكثر من أي وقت مضى
قال جيسون هاتشينغز، مدير أسواق التمويل الخاصة لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مجموعة "يو بي إس": "لا يزال هناك كثير من الأموال لاستثمارها، لكن أصبح المستثمرون من الأسواق الخاصة أكثر حذراً وتحفظاً ومسؤولية، كما أصبحوا أكثر دقة في فحصهم النافي للجهالة، لكننا ما زلنا نرى مزيداً من الشركات التي تلجأ إلى أسواق رأس المال الخاص أكثر من سعيها للطرح العام للجمهور".
تلك أنباء سيئة لسوق الاكتتابات العامة المتداعية في أوروبا مع جمع 6.4 مليار دولار فقط خلال الأشهُر الستة الأولى من 2022، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ"، بانخفاض هائل قدره 88% عن نفس الفترة العام الماضي، وفق البيانات.
بالتأكيد تجد الشركات التي نمت في عصر الائتمان الرخيص والتمويل السهل أن الطريق إلى التمويل الخاص محفوف بصعوبات خاصة به، ومن ناحية أخرى أثرت تقلبات سوق الأسهم في التقييمات، ما أجبر بعض الشركات الناشئة على تكبد انخفاضات حادة في القيمة مؤخراً.
في تحوّل كبير، شهدت "كلارنا"، عملاقة "الشراء الآن والدفع لاحقاً"، في يوليو انخفاضاً في تقييمها إلى 6.7 مليار دولار، بتراجع من الـ45.6 مليار دولار التي وصلت إليها في يونيو 2021. جاء ذلك بعد انخفاض كبير في أسعار الأسهم الخاصة بها، مقارنة بمنافسيها المتداولين في بورصة نيويورك مثل "افيرم هولدينغز" (Affirm Holdings Inc).
عززت الشركات الناشئة جهودها للتكيف، ومع حرصها على الإبقاء على انخفاض التكاليف وتأجيلها لجولات التمويل الجديدة، سرحت الشركات بدءاً من شركة الوساطة عبر الإنترنت "تريد ريبابلك بنك" (Trade Republic Bank GmbH) إلى شركة التوصيل "غوريلاز" (Gorillas) الموظفين في الشهور الماضية.
قال هاتشينغز: "ولَّت الأيام المليئة بالأموال المجانية عندما كان بإمكان الشركات الحصول على تمويل ببساطة بمجرد طلبه".