منذ بداية عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، بدأت إليزابيث "الحداد" على مسيرتها المهنية في قطاع تموله الأموال الحكومية، وتوجهت، على غرار آلاف الموظفين الأميركيين، إلى سوق يصعب على أمثالها إيجاد عمل فيها.
في غضون أسابيع قليلة أطلق الرئيس دونالد ترامب، بدعم من الملياردير إيلون ماسك، خطة تقضي بتقليص حجم الجهاز الفيدرالي الأميركي ما أثّر بشكل غير مباشر على الشركات المتعاونة معه، وأفضى إلى توقف خدمات بأكملها، وإلغاء وظائف، ووقف إنفاق.
وقالت إليزابيث البالغة 38 عاما والتي استخدمت اسما مستعارا لتجنب تقويض فرصها في العثور على وظيفة، لوكالة فرانس برس "بين ليلة وضحاها، اختفى مجال عملي برمته".
منذ 14 فبراير/ شباط، لم تعد تتلقى راتبا من شركتها المعتمدة ماليا على عقود مبرمة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) التي قلّصت الحكومة الجديدة مهماتها إلى الصفر تقريبا.
وأضافت إليزابيث "من الناحية النظرية، يمكنهم الاستعانة بخدماتي مجددا" إذا طعن قرار قضائي بإرادة السلطة التنفيذية. حاليا، تعيش إليزابيث "من مدخراتها" وستحظى بتغطية صحية حتى نهاية مارس/ آذار فقط.
وقالت "كأنني في حالة حداد، وأحاول أن أعرف كيف سأتمكن من كسب لقمة العيش".
وبدأت تتقدم لوظائف، لكن من دون جدوى. وقالت "كثيرون يمرّون بحالتي...".
"اتساع التأثير"
ما زال من الصعب تقدير عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم.
تشهد الولايات المتحدة معدل بطالة منخفض جدا تبلغ نسبته 4%، لكن يتوقع أن يبدأ ظهور تأثير القرارات الأخيرة في الأرقام الرسمية بعد أسابيع بحسب خبراء اقتصاد قابلتهم وكالة "فرانس برس".
والحكومة الفيدرالية أكبر صاحب عمل في البلاد، مع وجود 2.4 مليون موظف في القطاع العام (باستثناء خدمات البريد والجيش) قبل تنصيب دونالد ترامب، أي 1.5% من إجمالي العمالة (باستثناء قطاع الزراعة).
وقال الخبير الاقتصادي في مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية (CEPR) دين بايكر لوكالة فرانس برس: "حتى لو تمكنوا من صرف 10% من الموظفين، فإن التأثير لن يكون هائلا على الورق، ولكن يعتمد ضعف عدد هذه الوظائف ربما، على عقود توفير خدمات فيدرالية، ما قد يكون له تأثير أكبر بكثير".
وتوقع الخبير الاقتصادي المتخصص في قضايا التوظيف في معهد أبجون لأبحاث التوظيف، آرون سوجورنر، أن، "يتسع تأثير ذلك على الاقتصاد بمرور الوقت".
وينصب التركيز منطقيا على العاصمة وولايتي ميريلاند وفيرجينيا المجاورتين لها حيث 6% من اليد العاملة النشطة موظفة في الحكومة الفدرالية، وفقا لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث.
لكن آرون سوجورنر أشار إلى أن 80% من الموظفين الحكوميين موجودون خارج هذه المنطقة، ففي ولايات مثل وايومينغ ونيومكسيكو وأوكلاهوما، يمثل هؤلاء العمال أكثر من 2% من إجمالي العمالة.
ورغم انخفاض معدلات البطالة، رجّح سوجورنر أن يكون خوضهم مجالات أخرى صعبا، "وخصوصا إذا تم تسريح عدد كبير من الموظفين الحكوميين والمقاولين في الوقت نفسه".
وأشارت نانسي فاندن هوتن، الخبيرة الاقتصادية في أكسفورد إيكونوميكس، في مذكرة مؤخرا إلى أن القطاعات الأكثر توظيفا هي "الترفيه والضيافة وتجارة التجزئة"، البعيدة عموما عن مؤهلاتهم وتوقعاتهم على صعيد الرواتب.
وقال سوجورنر: "سيكون الأمر أسوأ لو كانت معدلات البطالة أعلى، لكن التوظيف ما زال منخفضا نسبيا في الوقت الراهن، لذا فهذا ليس الوقت المناسب للبحث".
ورأى دين بيكر الذي لا يخفي معارضته للثنائي ترامب/ماسك على حسابه على موقع "إكس"، أن "الكثير من العلماء وطلبة الدكتوراه لم يعد لديهم أي آفاق هنا". وأعرب عن اعتقاده بأن "بعضهم، وخصوصا في صفوف الشباب، سيبدأون في البحث عن عمل خارج الولايات المتحدة".
وتخطط إليزابيث للعودة إلى السكن مع والدتها على بعد مئات الكيلومترات من واشنطن في حال لم تتمكن في إيجاد عمل.