منحت الصين مجموعة من موظفي الخدمة المدنية في جميع أنحاء البلاد أول زيادة كبيرة في الرواتب منذ سنوات، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، في خطوة تهدف إلى تعزيز المعنويات والحث على الإنفاق.
وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية الموضوع، أن الرواتب الأساسية للعديد من الموظفين الحكوميين زادت بما لا يقل عن 500 يوان (68.51 دولارًا) شهريًا. وأشارت المصادر إلى أن هذه الزيادة في الأجور ستكون بأثر رجعي اعتبارًا من يوليو/تموز، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه "العربية Business".
واختلفت نسبة الزيادة حسب الراتب الأساسي، حيث أفاد أحد المصادر بأن الزيادة بلغت حوالي 5%. وكانت آخر مرة أعلنت فيها الصين علنًا عن زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية في عام 2015، حيث حصل حوالي 40 مليون موظف على زيادة بمتوسط 300 يوان شهريًا. وزعم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أن الرواتب زادت أيضًا في 2018 و2021، لكن الحكومة لم تؤكد هذه الزيادات ولم تُعلن النسب بوضوح.
لم تنشر الحكومة الصينية إعلانًا رسميًا حول زيادات الرواتب الأخيرة، مما يجعل من الصعب تحديد نطاق البرنامج أو الجهة التي ستتحمل تكلفته. ومع ذلك، تشمل هذه الزيادات غير المتوقعة المعلمين ورجال الشرطة والموظفين الإداريين في جميع أنحاء البلاد، وفقًا للمصادر.
تحفيز الاستهلاك المحلي
أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن تعزيز الاستهلاك المحلي هو الأولوية القصوى لعام 2025، في وقت تكثف فيه الحكومة جهودها لدعم اقتصاد يواجه أطول فترة انكماش منذ عام 1999.
واعتمد المسؤولون حتى الآن على خفض أسعار الفائدة ودعم قطاع الإسكان لتشجيع الإنفاق، دون اللجوء إلى تقديم منح نقدية واسعة النطاق للمستهلكين.
تأتي المدفوعات الإجمالية لموظفي الحكومة في توقيت مناسب قبل عطلات رأس السنة وعيد الربيع، إلا أن زيادات الرواتب لموظفي الخدمة المدنية فقط قد تثير ردود فعل سلبية من العاملين في القطاع الخاص الذين يعانون من انخفاض الأجور.
وأشار إريك تشو، محلل لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"، إلى أن الأثر الأولي لهذه الزيادات قد يكون محدودًا نظرًا لعدد موظفي الخدمة المدنية، ولكنه قد يرفع الآمال بامتداد الدعم إلى شريحة أوسع من السكان.
التحديات الاقتصادية
تعمل السلطات على زيادة الدعم للفئات ذات الدخل المنخفض لضمان الاستقرار الاجتماعي، بعد أن تزامنت الضغوط الاقتصادية مع سلسلة من الأزمات خلال 2024.
وفي هذا السياق، أعلنت مدينة شنغهاي الثلاثاء عن زيادة الإعانات ودعم الإسكان للأسر ذات الأطفال المتعددين، كما دعت الحكومة السلطات المحلية إلى تقديم المزيد من المساعدات لمن يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة.
لكن من غير الواضح ما إذا كانت السلطات الإقليمية قادرة على تحمل هذه التكاليف. فقد شكا موظفو الخدمة المدنية خلال العام الماضي من تخفيضات في المكافآت وانخفاض الأجور وتأخير في صرف الرواتب، بسبب أزمة ديون الحكومات المحلية التي تفاقمت جراء انهيار سوق العقارات. وأدى ذلك إلى شعور بالإحباط بين موظفي الحكومة، حتى في أغنى المقاطعات.
ضغوط إضافية مع عودة ترامب
تأتي زيادات الرواتب في وقت تستعد فيه بكين للتعامل مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الذي تعهد بتقويض الصادرات الصينية التي كانت نقطة مضيئة للاقتصاد. ومن المتوقع أن تزيد الحرب الجمركية من حاجة بكين إلى تحفيز إنفاق المستهلكين المحليين.